خرجت الدكتورة ملك من غرفة العمليات وعلى وجهها علامات الرضا والسعادة فقد كانت تحمل معها بشائر الخير
وأخبرت أهل المريض الستيني (أبا فجر ) أنه قد تحسن الآن وسيخرج بعد ثلاثة أيام وهذا بعدما أصابته حالة غير مستقرة من الجلطات القلبية فكانت أعصاب العائلة على وشك الإفلات لريثما أخبرتهم الدكتورة بهذا فكلامها كان أشبه بالمرهم على نفسية فجر وأمه، فكم شكرتها أم فجر ودعت لها الله بالخير والسعادة في حياتها ،
وكان رد الدكتورة ملك البريئة لا شكر على واجب يا خالة وأسأل الله أن يعطيه الخير كله ويكتب له الشفاء بإذنه ، وفي تلك الأثناء كان فجر يحمد الله على سلامة والده ، وردد بعفوية وكانت نظراته تتجول في الأرض خجلاً :شكرا لكِ انتِ طبيبة رائعة ،
وفي اللحظة التي رفع بها عيناه ولمح عيناها الخضراوتين شعر بأن دلواً من الماء البارد سُكب عليه من شدة جمالها وجمال عيناها ،
أما هي فبدورها أنصرفت لإستكمال مهمتها الرحمانية وهي الإشراف على مرضى القلوب وهو إنصرف ليتطمن على أبيه
وبعدها جلس فجر يفكر بملك وكأنه يستحضر عينان الفتاة أمامه فقد رسمهما في خياله فقد كان من أمهر الفنانين التشكيليين في المنطقة ، وسأل نفسه ثلاثة أسئلة :
السؤال الأول :أهاتان عينان أم حبيبات من العنب البلدي؟
السؤال الثاني :أهذه فتاة حقيقية من زماننا، أم حورية بحر هاربة إلى أراضينا ؟؟
السؤال الثالث : أهي مرتبطة ؟
فقرر أن يتقرب منها عندما يراها ،
فلما حضرت دق بلسانه باب أذنها فألقى سؤاله الذكي مغازلاً :أوهل التعبد في عيناكِ حرام ؟
فنظرت بشفافية وقالت قد حرم الله عبادة كل شئ غيره
فحدق بها وقد زاد إعجابه بشخصيتها وثقتها بذاتها فشعر في نفسه أنها فتاة أحلامه …
وبدأ الحديث يتلو الآخر والموعد يتلو الموعد ،حتى أعتاد كلآ منهما رؤية بعضهما لقد كانا يعدا الدقائق لكي يلتقيا ،كان شعورهما بأنهما متشابهان يزداد قوة
فملك تحب فيروز وعبد الحليم حافظ، وتهوى نزار قباني وشعر الحب والغزل ،
أما فجر فصوته الجميل كان يشبه صوت عبد الحليم مما جعل ملك ترقص فرحاََ من جمال صوته كما كان يحب فيروز وقباني ….
حتى في أحب الأكلات المفضلة لديهم المسخن والمقلوبة فقد اجمعا هما الاثنين على انهما ألذ طبختين ….
وفي يوم قرر فجر أن يعرف هل ملك جدية بعلاقتهما كحاله أم هو لاعب دور الأبله في هذه العلاقة فواعدها في مطعم من أرقى ما يكون وأثناء اللقاء وبعدما دقت الساعة العاشرة مساءاً
وقف فجر من على كرسيه وزر قميصه الأبيض من فوق وعدل معطفه، ثم في اللحظة التي تليها أنحنى على ركبته وقال بصوت لطيف :ملك هل تقبلين الزواج بي ؟
كان شكله غاية في الرومانسية واللطف…
وهتفت ملك بخجل بعد تفكير نعم أقبل و بكل سعادة …
وفي يومها اتخذا قرارهما المصيري معاً قرار الإرتباط وحقاً آتى اليوم الموعود “ليلة العمر” فملك لفجر تعني الكثير وفجر لملك يعني الكثير “
وهذه الليلة الأسطورية كانت ليلة خميس وفي أروق ليالي حزيران دقت طبول عرسهما الكرستالي فكانت ليلة ولا ليالي الف ليلة وليلة
كانت كروت الدعوى قد كتبت بماء الذهب اما عن الورود التي نثرت في المكان فهي ورود باريسية أما عن الفستان العروسي الخيالي كان حكاية لجميع الصبايا وكما يقولون القالب غالب ..
قد قرأ جميع الحضور الفرحة في عيونهما أما رقصهما المثالي على أغنية “Eng world “كان حكاية أخرى …
انتهى العرس وانتهى العسل بشهره فقد زار معاً أجمل بلدان العالم وعادت الحياة الى وتيرتها السابقة وبدأت الحياة الزوجية بكل ما فيها
ولكن بالطبع الحياة ليست سعادة فحسب فربما ترافقها ساعات من التعاسة والحزن والغضب أحياناً ،
فتأخر ملك بعملها في المستشفى وما يلزمها من تحضيرات ومراجع وأبحاث في البيت كان هو سبب غضب بالنسبة لفجر وإهمال فجر لكل مشاكلهم وشدة وسرعة غضبه كان هو السبب بالنسبة لملك…
ومرت الأيام ودارت بهما ستة أشهر يمكثان معاً وقد تعرفا على بعض كما لم يعرفا بعض من قبل تعرفا على الصورة الكاملة الآن فمن يدري ما هو مصيرهما الآن ؟؟؟
حاولا التقبل والتغاضى على عيوب بعضهما الآخر ولكن هما الإثنان يملكان رأساً كالصوان ويتشابهان بهذا أيضاً ربما لأن الحياة ليست فقط الإتفاق على فيروز وصحن من المقلوبة هي أكبر من هذا بكثير ….
وبعدما شعر أنهما أصبحن في مفترق الطرق وما عاد يستطيع كليهما تلك الحياة فقد عزموا على أتخاذ قراراً سيغير قنوات عدة في مسار حياة كلاهما وهو قرار الانفصال لم يؤيد أي من أهلهما هذا ولكن العند سيد الموقف
كانت تلك الليلة باردة جداً خرج فجر بعد قراره ذلك وكأن سواد الليل لا يكفي لما في قلبه فقد كان غاضباً من نفسه لثلاثة أسباب
الأول طيشه وتسرعه في قرارته مع زوجته ملك
الثاني:غضبه من نفسه لأنه مازال يكنّ حباً لملك
الثالث :أنه حقاً لا يريد الإنفصال …
وكان قد هم ليعود ويصالح زوجته وحبيبته
وفي لحظة همجاء حدث له ما سيغير حياته حقاً
قد خرجت من حيث لا يدري شاحنة عملاقة شعر وأنها تنادي لحتفه و ستلقيه لمصرعه ودخلت الشاحنة بسيارته وفي لحظتها قد صرخ فجر بأعلى صوت ثم قطع الصوت مرة واحدة ….
قد نقل إلى المستشفى وهو شبه محطم كل من رأه أجزم بأنه ميت …
قد هب الجميع ليتطمنوا على فجر قد كانت قلوبهم تعتصر ألماً إلا ملك فقد كان قلبها يعتصر ندماً وألماً على زوجها وحبيبها وبكائها وصرخاتها فجر فجر، ودعائها ومناجاتها قد قطعت القلوب وخصوصآ بعدما عرفت بأنه قد دخل في غيبوبة لا أحد يعرف مدتها إلا الله الكل يدعي ليُنجى الشاب الطيف المحب للحياة وتعود الضحكة على وجوههم من جديد…..
(ولعل الله يُحدث بعد ذلك أمرا)
وبعدما مضت ثمانية أشهر قد حدثت المعجزة و عاد فجر من جديد عاد لأهله وزوجته وعمله وحياته ولنفسه وفي هذه اللحظة قد عاهدا بعضهما البعض بأنهما سيظلوا سويآ و للأزل …
ودعيا أن يديم الله عليهما حبهما الأبدى أياماً مديدة ..